القدس، عدسة عدسة

.
.
.
.
.
.
.
.
.

لم أذهب إلى عين كارم منذ أن تركتها قبل حوالي عام (عن هداسا تحديدا اتحدث)، لم أكن أعرف أن مجرد عدسة في عيني ستجعلني أجوب 3 مستشفيات اليوم (الجمعة) في القدس البائسة. أقف عند محطة الباص قرب هداسا “هار هاتسوفيم”، حيث المقبرة، وجموع الغربان مستمتعة هناك. الشوارع فارغة، انهم يتحضرون لـ”دخول السبت” أي “كنيسات شبات”، أنطلق إلى هداسا عين كارم، في الطريق إلى هناك لم أقوى حتى على استرجاع عامي الكامل على تلك الطريق، ولم تأخذني تلك الطريق إلى أي ذكرى حتى من تلك السنة – التي لا أعتبرها سنة ضائعة على فكرة-. ابتسمت فقط عندما رأيت لعبة “الوحش” على الطريق (المفليتست)، في الطريق إلى هناك، يتصل بي أبي ويقول، لا لا تذهبي إلى عين كارم، اذهبي إلى مستشفى (نسيت اسمه)، المهم نزلت من الباص، وطبعا (دخلنا السبت) – فش باصات -، طبعا انا لا اعرف اي شيء عن المستشفى، استقليت سيارة تاكسي، كان السائق “عراقي”، أخذ يتحدث معي بالعربية، وأخذ يقول لي “يا ريت نروح عالعراق، بقولو انها حلوة، أنا من كركوك”، ثم قال لي لأنني عراقي، جلبت لك الحظ، وها أنا أعرف أين هذا المستشفى، ابتسمت وقلت له “انتم العراقيين خير وبركة”، قال لي: “بتعرفي والله لو الي الشوفير كان عربي عربي، كان اخذ منك 80 شيكل”، اما انا لاني “عربي عراقي” رح اوخذ أقل”. المهم وصلت المستشفى، بقي حوالي 5 دقائق رسميا على “دخول السبت” – ثم أكمل قائلا “أمزح أمزح، كلنا بشر، وانا عراقي وبحبش الأشكناز” وانفجر ضاحكا، ثم أكمل “تخيلي لو اننا نمر الان من شارع بار ايلان، من الممكن أن يكسروا السيارة”. الحاريديم في المستشفى يركضون كالمجانين (مشهد يستحق التوثيق) حتى يلحقوا ينزلوا بالمصعد.. اه الدكتور قلي فش اشي بعيني، بس انا بقول انه في اشي بعيني، هو مصر انه فش.
طيب طبعا كل مرة بدي اضل نهاية اسبوع في القدس، بصير اشي، والقدس هي البلد التي فيها كل ما يجعلك ترغب في الرحيل عنها، ولكن مع ذلك بتضلك مجبور تضلك فيها، باي.
.
.
.
.
.
.
.
.
لم تنته القصة. اعود اليوم وبعد شهر تقريبا من الحادثة لأجدد في هذا المكان خبر غريب جدًّا، لا يدل إلا على غبائي المدقع. لقد وجدت العدسة الضائعة – وجدتها، لم تكن لا على الأرض، ولا في عيني. لقد وجدتها في علبة “العدسات” مصانة بماء التعقيم الخاص بها، محفوظة دون أي أذى. بعد أن أضعت وقتي في البحث عنها وبعد أن كدت أقتلع عيني، بعد أن اقتنعت تماما أن الطبيب الذي فحص عيني غبي، ولا يعرف شيئا-  طلعت وببساطة أنا الغبية، وما كنت أفعله كان عمليا محاولة لتمزيق عيني بطريقة أغبى من غبائي.