Quantcast
Channel: meetareej.com »القدس
Viewing all articles
Browse latest Browse all 12

أقترب أكثر من حلم يراودني

$
0
0

386085_10151187613565743_1797646419_n


أقترب أكثر من حلم يراودني منذ أعوام، هكذا أشعر، أو لنقل لهذا أسعى. أمشي، أتجاهل المقبرة البريطانية على يميني، أسير “واثقة الخطى”، رغم خوفي.
أغنية “عالندّى الندّى” بصوت ريما خشيش “تلعب” في هاتفي، صورة أمي تمر كلمح البصر أمامي حين كانت تستقبلني كل يوم عند عودتنا من المدرسة وهي تغنيها لي، لكل واحدة منّا أغنية، لكل واحد منّا أغنية. توقفت أمي عن الغناء فترة، وعادت لتغني بوتيرة متقطعة كلما رسمنا على وجهها لحظات فرح… تدمع عيني… أمشي، حارسٌ يوقفني، ولافتة “سيكيوريتي” أمامي. أتذكر هذه الأشياء من علامات “الديار المقدسة”.
بيت المقدس على يساري، هالة رسمت فوق قبته، لا أراها. أبحث عن ربي في شوارع هذه المدينة، أسأل، أضاع بين أزقتها؟ يجيبني صوت حزين في الأمس: “هو بيننا لكننا لا نراه”، أجيب هذا الصوت: “ما زلت أبحث عنه”، يرد الصوت: “نجده عند حلول الكارثة، فهو لا يذهب”. أصمت. لا تعليق لدي.
يجيبني الصوت الحزين: “كان الأخ الأكبر في زيارتنا اليوم، وحطم لنا أحلامنا”. تتضارب أفكاري: “أترى كيف لهذا الصوت أن يملك كل تلك القوة ليخفي عني ما أخفاه طول لقائنا؟…”
قد قتل الأخ الأكبر جميل أحلامهم، لذلك ما زلت أبحث عن ربي فوق قبته فلا أجده هناك.
قد يكون بين شوارع هذه المدينة؟!
أقترب أكثر من حلم يراودني منذ أعوام، يلح علي أن أركض، صوت آخر يصرخ في وجهي يحاول حرقه، يطلب مني الإكتفاء بواقع نعيشه، أصفعه في وجهه، يغلق الهاتف في وجهي، فلا يصدق أنني أقترب أكثر من حلم يراودني منذ أعوام.
أركض، أتعثر، الطريق مقابل مدرسة شميت، قرب الكراج المقابل تقريبا لباب العامود غير قابلة للركض، هي أشبه بحلبة تزلج. التزم مكانك، لا تركض هربا، حين يركضون نحوك، تنفس، تنفس، تنفس، قف على الرصيف، وانتظر – سيمر كل شيء. أحذرك، لا تركض، أو اركض بحذر، فالأرض تملؤها الخضراوات وقشور الفواكة، وتزينها البسطات، ومن خلفك كلاب مصعورة تخاف منك رغم أنها مدججة بالسلاح.
بيت المقدس من شباكي أخفته صناديق “الدود شيمش” السوداء، لا أرى الا غربي المدينة، من خلفها تلة، يحلو لي أن أتخيلها “بيت لحم”، في الأفق يظهر “عامود” المحطة المركزية، كل يوم أجلس وأحسب المسافة بيني وبين “العامود” مشيا، أهي تساوي نفس المسافة بين بيتنا في باقة وبين “حاؤوز” حارة الشقفان؟ لا علم لدي، فكل مرة أقول، مفهومنا للمسافات في هذا البلد معطوب، والأنكى أنه لا علم عندي من أين لي الوقت لأفكر في هذه الأشياء.
بيت المقدس من شباكي أخفته صناديق “الدود شيمش” السوداء، فكيف لي أن أرى ربي فوق قبته؟ أصعد الدرج، أتذكر أني جلبت معي خبزا وجبنة، لأطعم هرًّا حديث الولادة، يلحقني كل يوم فلا أملك أي شيء لأطعمه. أمد يدي “أفتفت” له قطع الخبز، يأكل ويأكل ويأكل، ينظر الي ليشكرني. أتذكر “مشمش” قطنا المدلل في المنزل، والذي أصبح قط شوارع رفضا للطبقية، وانضم لقط جارنا الذي على ما يبدو “شيوعي” الطباع، يدعو مشمش الأهبل قطط الحارة أجمعين، لتتناول طعامه في ساحة بيتنا، تغضب أمي قائلة: “يا جبان، أنا مش فاظيتلك بتجيبلي بساس الحارة ليه؟”.
أقترب أكثر من حلم يراودني منذ أعوام، أحزن، أتذكر أن الأحلام في هذه المدينة تقتلها وحشة المكان.

(عودة للواقع: امتحاناتي ووظايفي بخلصنش |-.-| )
وحتى لو مدخلش، برافر لن يمر.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 12

Latest Images

Trending Articles





Latest Images